س: فضيلة الشيخ، يقول السائل: هل توزيع لحم العقيقة بدون طَهْيٍ يجوز؟ وإن كان جائزا، فهل لو وزعته كله بدون حفظ جزء منه للبيت جائز؟ وإن كان للولد شاتان فهل يجوز ذبح عجل - مثلا- بدلا من خروفين؟ جزاكم الله خيرا.
الأفضل في العقيقة أن تجعل وليمة، ويدعى إليها الأصحاب، والرفقاء، والزملاء، والجيران، والأقارب؛ وذلك لإظهارها، لأنها من شعائر الإسلام، ولأنها من السنة، فيعمل عليها طعاما ويدعو إليها- واحدة أو اثنتين- ولا مانع من أن يتصدق ببعضها، وإذا كانتا اثنتين –كالذكر- وتصدق بواحدة، ودعا زملاءه، وجيرانه، وأقاربه إلى الأخرى كفى ذلك، وأخبرهم: بأن هذه عقيقة، وأنها سنة حتى تحيا؛ فإنها إذا أُخْفِيَتْ خفي أمرها، وخفي حكمها، مع ذلك لو تصدق بها كلها أجزأ ذلك، ولا يلزمه أن يذبح بدلها.
س: يقول السائل: ما حكم شراء سيارة من أحد البنوك بغرض بيعها وتسديد الديون?
إذا تمت الشروط فلا بأس بذلك، فإذا كان أهل البنك قد ملكوها وحازوها، ثم بعد ما حازوها، وغَيَّرُوا مكانها بعد الشراء خَيَّرُوك ولم يُلْزِمُوك، ثم اشتريتها، واستلمتها، ولم تَبِعْهَا في مكانها، بل نقلتها إلى مكان آخر، في هذه الحال يصلح البيع ولو كان فيه ضرر على المستدين.
س: فضيلة الشيخ، بارك الله فيكم، وسَدَّدَ خطاكم، يقول: أذهب من وقت لآخر إلى صالات القمار وذلك لمجرد الفرجة، ومقابلة بعض الأصدقاء، وتناول العشاء، ولم ألعب القمار، فهل أنا آثم على ذلك؟
لا تأثم لذلك، ولكن عليك أن تحرص على إظهار دينك، وأن تجهر بالحق سواء كنت مع هؤلاء في داخل المملكة أو في خارجها، احرص على أن تكون معلنا لدينك؛ فتحافظ على الصلوات ولا تضيعها، وكذلك أيضا تحافظ على شعائر الإسلام؛ فتعفي لحيتك، ولا تحلقها إذا عابوك بها، وكذلك أيضا تُظْهِرُ ذكر الله، وتتميز بما أنت عليه، تحافظ على لباسك الذي هو اللباس الْمُعْتَاد في بلدك؛ حتى يُعرف بذلك أنك من المحافظين على شعائر دينهم.
س: صالات القمار؟
نعم.
وأما أماكن اللعب، وأماكن اللهو فنقول: إن الْأَوْلَى أنك لا تحضر أماكن اللعب، وأماكن القمار الذي هو الميسر ونحوه، لا تذهب إليها؛ فإن فيها إقرارًا لهذه المعصية.. يقتدون بك، ويقولون: فلان يحضر هذا اللعب الذي فيه ميسر وقمار، أو فيه غناء ولهو ونحو ذلك.
س: هذه سائلة تقول: رُزِقَتْ إحدى النساء بمولود، فبعد أن تم شهرا قامت بتقصير ذكره؛ وذلك قامت به بمساعدة إحدى النساء، وذلك بموافقة الوالد، ثم حدث نزيف، وتوفي بأثر ذلك، فما الحكم في ذلك؟
إذا كان هذا القطع هو الذي سَبَّبَ الموت فإن عليها دية وكفارة، لا بد أن يكون هناك شيء، العادة أن الختان لا يحصل به الموت، لكن يمكن أنها قطعت شيئا من رأس الذكر سَبَّبَ النزيف، أو نحو ذلك، يمكن أنها جرحت الذكر مع وسطه سبب ذلك النزيف المستمر إلى أن حصلت الوفاة، فلا أقل من الكفارة عليها إذا قُدِّرَ أن هذا هو السبب، ويمكن أنها فرَّطت حيث لم تعالجه عند المستشفيات الذين يضمدون الجروح.
س: يقول السائل: هل تقسيم الإرث واجب؛ لأنه لاحظَ في بعض الناس تهاونا في حق البنات في الإرث ؟
واجب إعطاء كل ذي حق حقه، الله تعالى يقول: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ فإذا طلبت المرأة نصيبها: زوجةً كانت، أو بنتا، أو أختا، أو أُمًّا فلا تمنع حقها، بل عليك أن تعطيها نصيبها، تقسم الميراث، فإن كان الميراث منقولا: كدراهم، أو مواش فإنك تعطيها حقها قليلا أو كثيرا، وإن كان عقارا: كأرض، أو دار فإنك تُقَدِّرُ لها قيمته، وتعطيها حقها إذا طَلَبَتْهُ، ولا يجوز ظلمها.
س: هذا سائل يا فضيلة الشيخ، يقول: هل يجب أن تستأذن وتسترضي الزوجة الأولى إذا أردت الزواج بأخرى؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، إذا كنت واثقا من نفسك بأنك تعدل، وتسوي بين زوجتين في القسم، وفي النفقة، والكسوة، والأمور الظاهرة فلا حاجة إلى أن تسترضي الأولى، فلك أن تَزَّوَّجَ ثانية، أو ثالثة، أو رابعة؛ فالله تعالى أباح للرجل أن يتزوج إلى أربعٍ بشرط العدل، ثم قال: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أما إذا كان يخشى على نفسه أن يجور، أو أن يظلم إحداهن، ويميل إليها أكثر من الأخرى فلا يجوز إلا إذا سمحت، وأسقطتْ حقها، أما إذا ظلمها، وبخسها حقها، وجار، ومال مع الأخرى فإنه ظالم، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- مَنْ كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط يعني: جزاءً على ميله.
س: يقول السائل: ما النفقة الواجبة على الزوج لزوجته الموظفة ؟
عليه نفقتها كاملة: المأكل، والمشرب، والكسوة، والسكنى، والمركب إذا شرطتْ عليه أن تبقى في وظيفتها، والتزم بذلك عند العقد، وهكذا لو شرطتْ عليه إيصالها إلى محل وظيفتها، وردَّها منه إلى منزله فإن عليه أن يقوم بذلك، وهكذا إذا شرطت أن لا شيء له من راتبها، فأما إذا لم تشترط، فاشترط هو أن يمكنها من العمل وله نصف راتبها، أو ثلثه، أو أن تقوم بنفقة بيتها، أو بنفقة خادمتها إذا استأجرت خادمة فإنها تقوم بذلك، بحسب الشروط.
س: ما رأيك يا فضيلة الشيخ، في إنسان مرتبط بامرأة، ويريد أن يطلقها، لكن قال لأبيها: لا أطلقها حتى تدفع المهر جميع المهر ولم يدفع أبوها جميع المهر إلى الآن، فالمرأة لا هي مطلقة، ولا هي امرأته، أفتونا مأجورين؟
لا بد أن يكون هناك سبب، إن كان السبب منها فعليها أن تتوب، فإذا كانت هي التي نشزت، وعصت عليه، وكرهته، وأظهرت مَقْتَهُ وبغضه واحتقاره، وازْدَرَتْ أعماله، وأخذت تعيبه وتطعن فيه، وتقول: إنك لا تصلح زوجا، ونحو ذلك فهي التي نشزت منه، فعليها أن تدفع له الحق الذي خسره عليها؛ لقوله تعالى: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ وأما إذا كان الضرر منه: بأن مقتها، واحتقرها، وأَضَرَّ بها، وحبسها، وضربها، وعاتبها، وأظهر الإساءة، أو الظلمَ منه لها فلا يحل له- والحال هذه- أن يمسكها؛ لأنها ترى ما لا صبر لها عليه، حيث إنها تتألم وتتضرر من حالته ومن إساءته، ففي هذه الحال لا يحل له أن يمسكها؛ لأن الله تعالى يقول: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ .
س: ما حكم شراء السيارات من البنوك بالأقساط الشهرية حيث إن سعرها بالأقساط في البنوك أَرْخَصُ من غيرها؟
لا بأس بذلك، ولكن بشرط أن يملكها البنك قبل أن يعرضها عليك، وقبل أن يُلْزِمَك، إذا ملكها ودخلت في ملكه، وصارت مِنْ ماله لا يستطيع أن يَرُدَّها على المعرض انقطع الخيار، ثم بعد ذلك عرضها عليك وقال: اشتريتها من المعرض بستين، وأبيعك بسبعين، ولك الخيار، في هذه الحال يجوز شراؤها منه.
س: يقول السائل: إذا كنتُ مسافرا، وقمتُ بقصر وجمع الصلاة، ولم يوجد عندي ماء، فهل أتيمم لكل صلاة أم يكفي تيمم واحد لتلك الصلاتين؟
إذا جمعت الصلاتين في وقت واحد كفاهما تيمم واحد.
س: شخص أعطى شخصا آخر مبلغا من المال ليتاجر فيه وهذا المال كُسِبَ من حرام حيث إن الأول يريد التوبة إذا عمل به الآخر وتاجر به في الحلال، والكسب بينهما بالنصف، فما حكمه للشخص الأول، وما حكمه للشخص الثاني- أي الكسب- ؟
الشخص الثاني الذي اتجر فيه لا إثم عليه، إنما الإثم على الأول الذي اكتسبه من الحرام، فإن كان سرقة، أو خيانة، أو اختلاسا، أو نهبا، أو غصبًا من أناس معروفين فلا تبرأ ذمة صاحبه الذي أخذه إلا بِرَدِّهِ على أهله إذا عرفهم، وإن جهلهم تصدق به وأجره لهم، ثم متى عثر على أحدهم أخبره، وخَيَّرَهُ بين غرامته وبين أجره.
وأما إذا كان تحريمه بسبب معاملات: كأخذه رشوة - مثلا - أو ثمن غناء: قيمة أغانٍ، أو تصاوير خليعة ومحرمة، أو معاملات ربوية، يعني: من المكاسب المحرمة، ففي هذه الحال توبته التصدق به.
وإذا كان فيه شبهة: بعضه حلال، وبعضه حرام: كأرباح بعض الشركات التي تتعامل مع البنوك، ولكن أكثر أرباحها من إنتاجها، فإنه يتصدق بالجزء الذي يُقَدر أنه الربا الذي أخذته الشركة من البنوك، والباقي يكون حلالا، وأما الذي يتكسب فيه فلا إثم عليه، لكن إذا علم بعد ذلك أن أصله حرام فالْأَوْلَى أن يرده، ويقول: أعطني مالا حلالا حتى أشتغل فيه، ولا أحب أن أشتغل في هذا الذي كَسِبْتُهُ من حرام.
س: فضيلة الشيخ، يقول السائل: أكتب لك سؤالي هذا وفيه أسأل عن الْهَجْرِ بين المسلمين وخصوصا إذا زاد الهجر عن ثلاثة أيام، بل تعدى السنين الآن؛ وذلك أن هناك بعض المتهاجرين تهاجروا لأسباب تافهة: كالنميمة، وغيرها، نرجو من فضيلتكم النصح لهم، لعل الله أن يهديهم؟
عليكم أن تنصحوهم، لا نقول- إن شاء الله- إنهم من إخواننا الحاضرين، ولكن لا بد أنكم أيها الحاضرون، أو بعضكم تعرفون بعضا منهم، ففي هذه الحال عليكم نصيحتهم، النصيحة: تحذيرهم؛ فالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التقاطع، والتَّدَابُرِ، قال: لا تدابروا يعني: أن يولي كل منكما الآخر دُبُرَهُ من باب البغضاء، ولا تحاسدوا يعني: أن يَحْسُدَ أحدكم أخاه على ما أنعم الله عليه، ولا تهاجروا يعني: أن يَهْجُرَ أحدكم أخاه بغير سبب دِينِيٍّ، ولا تباغضوا أي: لا يبغض أحدكم أخاه بغير موجب.
وقال: لا يَحِلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام فمثل هذه اسْعَوْا في إصلاح ما بين المسلمين، وإزالة ما بينهم من العداوة والبغضاء ونحو ذلك؛ حتى يكونوا متآخين متعاونين على البر والتقوى، متساعدين على أمر الله، متحابِّين في ذات الله، سيما إذا كان بينهم قرابة: كإخوة، أو بني عم، أو بني خال، أو كذلك جيران، أو زملاء، أو نحو ذلك؛ فإن التهاجر بينهم يكون إثمه أكبر، حيث إنه قطيعة رحم مع كونه هجرًا للمسلم، والأمور الدنيوية لا تَسْوَى أن الإنسان يقاطع أقاربه لأجلها، حتى ولو ظلموك وأخذوا مالك فالدنيا ومتاعها قليلة بالنسبة إلى ما تقع فيه من هذا الهجر، أو ما قد وقعوا فيه.
فعليك إذا أتيتهم أن تسامحهم، وتقول: إني قد سامحتكم، وعفوت عن ما ظلمتموني به، وتنازلت لكم ولو أخذتم مالي كله، أو ظلمتموني، أو سببتموني، فأنا أعفو عنكم، وأتغاضى عما حصل منكم.
لا شك أنهم- والحال هذه- يرجعون إلى أنفسهم ويلومونها، ويقولون: نحن الذين أخطأنا، ونحن الذين ظلمنا هو جاءنا يعتذر، وكأنه ظالم وهو مع ذلك المظلوم؛ فيعودون إلى الصداقة، وإلى المسامحة.
س: ما رأيكم فضيلة الشيخ، في ذهاب بعض الناس إلى مياه في الأردن ومصر لأجل العلاج ، ويقولون: إن فيها مادة كبريتية مفيدة للجسم، ومنشطة ؟
يمكن أن يكون كذلك؛ فإن المواد الكبريتية يكون فيها منافع للجسم: للجسد، أو للعروق، أو نحو ذلك، وهذا يخضع للتجربة وللتحاليل، فتعطى الأطباء يحللونها، فينظرون هل ما ذكر صحيح، أما إذا كان ذلك مجرد خرص، وظن، وتوهم فنرى أنه لا يجوز، ولا يُعْتَقَدُ فيها اعتقاد سيئ بأنها تنفع بذاتها، أو نحو ذلك.
قد كان في الأحساء قبل مائتي سنة، أو نحوها عين يقصدها كثيرون يتبركون بها، ويسمونها عين نجم وقد جعلوا عليها قبة، وكان يجتمع عليها خلق كثير، ويحصل فساد، وشرب مسكرات، ومغازلات، ومعاكسات ونحو ذلك، فهدمها الإمام فيصل بن تركي -رحمه الله- بعد أن رفع أمرها إليه الشاعر الأديب الذي هو أحمد بن مُشَرَّف - رحمه الله - حيث ذكر فيها قصيدته التي يقول في مطلعها:
ألا تتركـا عينًـا تضـاف إلى نجم | فقبتهـا بالهـدم أولى وبالرَّجْــمِ |
وهـل ماؤهـا إلا حميـمٌ لحــره | يذيب الذي في الكليتين من الشَّحْـمِ |
ولو كان في الماء الحميم لنا شِـفَا | لَخُصَّ به أيـوبُ يا عـادمَ الفهـمِ |
ومَنْ يعتقد فيها الشفا لم يزل علـى | شـفا جرف الإشراك جهلا بلا علمِ |
وإن ظنهـا تشفي الغليل بسـرهـا | فهذا اعتقـاد المشركين بلا وهـمِ |
وإن قال من باب التداوي فمـا درى | فما هي كالْحَمَّام في القصد والْحُكْمِ |